فئات الهَدي
ينقسم الهدي المستحب من الأنعام، مثل الإبل والبقر والغنم، إلى فئتين رئيسيتين، إذ كل فئة تحمل صفاتها الشرعية الخاصة. فيما يلي توضيح لهذا الأمر:
الهدي الواجب
ينقسم الهدي الواجب إلى قسمين: الأول هو الهدي الذي يكون نذراً، حيث يلزم الحاج ذبحه كقربى إذا نذر ذلك لنفسه. والثاني هو الهدي الذي يُعتبر واجباً بدون نذر، مثل هدي التمتع والقران، والذي يتم تقديمه إذا أدى الحاج العمرة وتمتع بها. كما يُعتبر الهدي واجباً أيضاً في حال ترك الحاج أحد واجبات الحج أو ارتكب محظوراً.
بالنسبة للهدي الواجب الذي لا يُشترط فيه النذر، فهو يُعتبر شكراً على أداء مناسكين في وقت واحد للحاج المتمتع والقارن، أو لتصحيح خطأ حدث أثناء الحج، أو كتعويض عن فعل محظور أو للإحصار. أما الهدي الذي يُوجب النذر، فإن الحاج مطالب بالإيفاء به كونه نذراً للبيت العتيق، مستنداً على قوله -عز وجل-: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
تُذبح جميع أنواع الهدي داخل الحرم للمحتاجين، باستثناء هدي الإحصار حيث يجب نحره في مكانه. يحدث الإحصار عندما لا يستطيع الحاج إكمال نسك الحج، فيجري النحر وفقاً لذلك. بينما يتم نحر هدي المتمتع والقارن في يوم النحر داخل الحرم. وتجدر الإشارة إلى أن الأفعال المحظورة، مثل قتل الصيد في الحرم هي من المحظورات، ووجب ذبح الهدي فيها داخل الحرم وفقاً لقوله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ).
الهدي التطوعي
الهدي التطوعي هو ما يُقدَّم قربى إلى الله -عز وجل- دون وجود سبب يلزمه بذلك. يُستحب للحاج والقادم إلى مكة لأداء العمرة أيضًا، أن يذبح هديًا ويُوزعه على الفقراء في الحرم. يُعتبر هذا الأمر مستحبًا لمن أراد أداء مناسك الحج أو العمرة، أما لمن لم ينوي الحج، فإنه يُستحب له إرسال هدي وتقليده وإشعاره.
مشروعية الهدي
الهدي هو ما يُقدمه الحاج من الأنعام، كالخراف والبقر والإبل، تقرباً إلى الله -تعالى-. أُطلق على هذا الإجراء الاسم “هدياً” لأن الخروف يُهدى لله سبحانه وتعالى. وقد أُجيز هذا الأمر اقتداءً بسيدنا إبراهيم -عليه السلام- حين فدى ابنه إسماعيل بكبش عظيم، امتثالاً لأمر الله -عز وجل- وشكراً له على نعمة إتمام مناسك الحج.
تشير الآيات القرآنية إلى مشروعية الهدي، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، وقوله -عز وجل-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).
الشروط اللازمة للهدي
توجد شروط معينة تتطلب توفرها في الهدي الذي يُذبح للحرم، على النحو التالي:
- أن تبلغ السن الشرعي المحدد، بحيث تكون خمس سنوات للإبل، وسنتان للبقر، وسنة للماعز، وستة أشهر للخراف.
- يجب أن تكون الأنعام خالية من العيوب التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتي تشمل عدم كونها عرجاء واضحة، أو عوراء، أو عمياء، أو مريضة، أو هزيلة، أو مقطوعة أحد قوائمها.
- المفضل أن يكون الهدي سميناً وقوي الجسم وجميل الشكل، كما فعل سيدنا إبراهيم حين قدم كبشاً سميناً.
- يمكن ذبحه في الأوقات المقررة، مثل وقت الأضحية، بعد صلاة عيد الأضحى ما بين ارتفاع الشمس بمقدار رمح، وخلال أيام التشريق. ولا يُسمح بتأخيره عن ذلك، مع إمكانية الذبح ليلاً أو نهاراً، لكنه يفضل في النهار.
- يجب ذبح الهدي داخل الحرم، ويمكن عمل ذلك في مِنى ومكة، وفقاً لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وَكُلُّ فِجاجِ مَكَّةَ طريقٌ ومَنحرٌ).
0 تعليق