أكد تقرير حديث صادر عن البنك الدولى أن الارتفاع الحالى فى درجات الحرارة يتسبَّب بالفعل فى حدوث ظواهر مناخية حادة وأكثر تواتراً وشدة، بما فى ذلك موجات الحر ونوبات الجفاف وحرائق الغابات والأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة والفيضانات، وهى تلحق أضراراً بصحة البشر والاقتصادات والنظم الإيكولوجية، وستكون المجتمعات المحلية الضعيفة والسكان المُعرَّضون للمعاناة هم الأكثر تضرراً.
ولقد انحرف العالم عن المسار الصحيح لتحقيق هدفه المتمثل فى الإبقاء على ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية فى حدود 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية بنهاية القرن.
ولسد هذه الفجوات، أوصى التقرير الحكومات فى البلدان النامية بتعزيز جهودها فى 4 مجالات:
أولاً، يجب أن تبذل الحكومات المزيد من الجهود لمساعدة الناس والشركات على التكيُّف، مع تغيُّر المناخ من خلال توفير البيانات والمعلومات المناخية، وسن اللوائح التنظيمية، وتقديم الحوافز.
ولقد أحرزت البلدان تقدماً فى إتاحة المعلومات عن المناخ ومخاطر الكوارث، مما ساعد الناس والشركات على التكيُّف مع الظروف المناخية الجديدة، وحتى يتسنى حماية الناس على نحو أفضل، ينبغى توفير التمويل والحماية الاجتماعية للفئات الأشد فقراً والأكثر ضعفاً وتأثراً بالمخاطر. ويسعى العديد من البلدان الفقيرة جاهدةً لتحقيق ذلك.
ومع وجود إطار تنظيمى وحوافز للقطاع الخاص، لا يوجد وضوح كاف فى العديد من البلدان بشأن المخاطر التى ينبغى للحكومة والقطاع الخاص تحمل مسؤوليتها. ويحد ذلك من استثمارات القطاع الخاص فى مجال التأهب لمواجهة المخاطر المناخية.
وهذا يدعو للأسف لأن الاستثمار فى التكيُّف له ما يبرره من الناحية المالية. وتشير تقديرات البنك الدولى إلى أن كل دولار يُنفَق على أنشطة التكيُّف يعود بمنافع قدرها 4 دولارات، لكن هذه المكاسب الكبيرة لم تترجم بعد إلى استثمارات كبيرة على نحوٍ كافٍ فى مجال التكيُّف.
وعلى الرغم من زيادة المخصصات المالية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، لا يتجاوز نصيب التكيف 5% من تمويل الأنشطة المناخية (63 مليار دولار). ومن الضرورى أن يزيد التمويل المُخصَّص لأنشطة التكيُّف بواقع 4 أمثال تقريباً لتلبية الاحتياجات الملحة للبلدان النامية.
ويعنى هذا النقص فى التمويل ضرورة إيجاد مصادر جديدة للأموال على وجه السرعة،ولا يمكن للحكومات، لا سيما فى البلدان النامية، أن تتحمل العبء وحدها. ولذلك، فإن دور القطاع الخاص ذو أهمية بالغة فى تحقيق النجاح، إذ يمكنه توفير الاستثمارات التى تشتد الحاجة إليها فى البلدان النامية وجلب الابتكارات والأفكار الجديدة للنهوض بالاستثمارات الأكثر طموحاً.
المجال الثانى الذى يتعين على الحكومات التركيز عليه هو حماية الأصول والخدمات العامة الحيوية وتعديل خطط استخدام الأراضى.
وينبغى أن تكون حماية البنية التحتية للطاقة أولوية بالنسبة لجميع البلدان. وذلك لأن أنظمة الطاقة ضرورية لحماية الناس من آثار المناخ، لا سيما موجات الحر الشديد. وإلى جانب البنية التحتية، يتم حماية الناس أيضاً من صدمات تغيُّر المناخ من خلال الغابات والأراضى الرطبة ومستنقعات المنغروف، ويمكن أن تلعب حماية هذه النظم الإيكولوجية من خلال تخطيط استخدام الأراضى دوراً مهماً فى حماية الناس وسبل كسب العيش من المخاطر المناخية وضمان استدامة مصادر الدخل للمجتمعات المحلية.
والمجال الثالث الذى ينبغى للحكومات تعزيز جهودها فيه هو مساعدة الشركات والناس على إدارة الكوارث الطبيعية والمخاطر المتبقية، وهى المخاطر التى لا تزال قائمة رغم كل الجهود المبذولة.
ويجب على الحكومات مساعدة الناس والشركات على الحد من الخسائر والتعافى بسرعة. لكن العديد من الحكومات فى أنحاء العالم ليس لديها خطط للتعافى من الكوارث والاستجابة لها أو أن خططها لهذا الغرض غير كافية، لا سيما وأن هذه الخطط غاية فى الأهمية لإعادة البناء بعد الكوارث.
وأخيراً يجب على الحكومات بذل المزيد من الجهد لحماية نفسها واقتصاداتها من بين 44 بلداً شملها التحليل، كان هذا المجال الذى شهد أقل تقدُّم فى التكيُّف مع تغيُّر المناخ. لكن الحاجة ملحة، ويمكن لكارثة مناخية كبيرة أن
ويمكن للبلدان أيضاً وضع إستراتيجية مالية لإدارة مخاطر المناخ والكوارث. فعلى سبيل المثال، اعتمدت الفلبين فى عام 2015 إستراتيجية للتمويل والتأمين من مخاطر الكوارث أدت إلى وضع واحد من أكثر برامج إصلاح التأهب المالى شمولاً بين الاقتصادات الصاعدة.
0 تعليق