في تحول مفاجئ، أعلنت الولايات المتحدة والصين عن اتفاق يقضي بتقليص الرسوم الجمركية على واردات كل منهما بشكل كبير، لفترة أولية مدتها 90 يومًا، في خطوة هدأت التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وأدت لانتشار حالة من التفاؤل الحذر بين مستثمري الأسهم الأمريكية، وفق ما نقلته منصة "إنفيستوبيديا".

تخفيضات جمركية واسعة وآلية حوار دائم

صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن الجانبين توصلا إلى "اتفاق لتعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا وخفضها بشكل كبير"، موضحًا أن الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية ستُخفض من 145% إلى 30%، فيما ستقلل الصين رسومها على السلع الأمريكية من 125% إلى 10%.

وفي بيان مشترك، أكدت واشنطن وبكين عزمهما إنشاء آلية لمواصلة المفاوضات بشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بعد اتخاذ هذه الإجراءات.
اقرأ أيضاً: بورصة وول ستريت.. مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع

صعود قوي للأسواق العالمية والدولار

أدت تهدئة التوترات إلى انتعاش قوي في الأسواق العالمية، حيث ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 2.2%، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.8%، بينما قفزت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك بنحو 3.8%.

في الأسواق الخارجية، صعد مؤشر ستوكس أوروبا 600 بنسبة 1%، وأغلق مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ على ارتفاع 3%.

كما ارتفع الدولار الأمريكي مقابل اليورو والين والجنيه الإسترليني، بينما تراجعت أسعار الذهب، وقفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى نحو 4.45%.
وشهدت معظم العملات المشفرة الكبرى مكاسب قوية.
اقرأ أيضاً: الأسهم الأمريكية.. توقعات بتحقيق «إس أند بي 500» أعلى مستوياته

المحللون يحذرون من محدودية الاتفاق

رغم التفاؤل، حذر خبراء من أن الاتفاق قد يكون تكتيكًا تفاوضيًا قصير الأجل وليس حلاً دائمًا.
قال آرون هيل، المحلل في شركة "إف بي ماركتس"، إن "الإطار الزمني البالغ 90 يومًا يشير إلى أن التخفيضات الجمركية قد تكون مؤقتة، مما يخلق حالة من عدم اليقين بشأن السياسة التجارية طويلة الأمد".

قفزة حادة في المؤشرات الأمريكية

ارتفع مؤشر داو جونز بمقدار 822 نقطة أو 1.99%، وقفز مؤشر إس آند بي 500 بنحو 141.75 نقطة أو 2.5%، وزاد مؤشر ناسداك 666.25 نقطة أو 3.31%.

كما ارتفعت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر راسل 2000 بنسبة 3.5%.
وسجل مؤشر "الخوف" في وول ستريت (مؤشر تقلب بورصة شيكاغو) تراجعًا ملحوظًا إلى أقل من 20 نقطة لأول مرة منذ أواخر مارس.

وفي تعاملات ما قبل السوق، ارتفعت أسهم الشركات الكبرى وأسهم النمو بقوة، مع تسجيل سهم "إنفيديا" مكاسب بنسبة 4.6% و"تسلا" بنسبة 6.7%، كما ارتفعت أسهم الرقائق مثل "مارفيل" و"آدفانسيد مايكرو ديفيسيس" بنسب 4.9% و7.5% على التوالي.

كذلك، صعدت أسعار النفط الخام بأكثر من 3%، مما دعم ارتفاع أسهم منتجي الطاقة الكبار "شيفرون" و"إكسون موبيل" بنحو 2% لكل منهما.

صفقة أمريكية بريطانية تزيد التفاؤل

يأتي الاتفاق الأمريكي-الصيني عقب اتفاق تجاري محدود بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مما ساهم في تهدئة المخاوف من تصعيد التعريفات الذي كان يهدد بإشعال ركود عالمي.

نجح مؤشر إس آند بي 500 بفضل هذه التطورات في محو معظم خسائره منذ بداية أبريل، مدعومًا بتقارير أرباح إيجابية وتفاؤل المستثمرين.

قطاع الأدوية يظل تحت الضغط

رغم الانتعاش العام، واصلت أسهم شركات الأدوية تراجعها، بعد إعلان الرئيس ترامب خططًا لخفض أسعار الأدوية لتتوافق مع الأسعار العالمية، مما أدى إلى تراجع أسهم "فايزر"، و"إيلي ليلي"، و"جونسون آند جونسون" بأكثر من 2%.

تفوق أمريكي واستجابة متباينة للعملات

تفوقت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية على نظيراتها الأوروبية والآسيوية، مع تراجع الين والفرنك السويسري أمام الدولار.
كما صعد الدولار الأسترالي والنيوزيلندي إلى جانب اليوان الصيني، في حين تراجع اليورو.

آراء الخبراء: تفاؤل مشوب بالحذر

قال مايكل براون، الخبير الاستراتيجي لدى "بيبرستون"، إن "رد فعل السوق على الاتفاق كان إيجابيًا، لكن لا يزال الخطر قائمًا ما لم يتم إلغاء الرسوم الجمركية بشكل دائم".
وأضاف: "الخطر الأكبر هو أن استمرار الرسوم قد يتسبب في ركود تضخمي عالمي".

وفي السياق ذاته، قال راجيف دي ميلو من "جاما لإدارة الأصول"، إن "التعليقات الإيجابية تمنح بعض الارتياح، لكنها غير كافية للعودة بقوة إلى الأصول عالية المخاطر، ما لم تنخفض الرسوم إلى 40% أو أقل".

مكاسب مفاجئة للأسهم الباكستانية

على صعيد آخر، ارتفعت الأسهم الباكستانية بقوة عقب اتفاق وقف إطلاق النار مع الهند وموافقة صندوق النقد الدولي على مراجعة برنامج القروض لباكستان.
سجل مؤشر كراتشي 100 قفزة بنسبة 9.26% ليصل إلى 117,104.11 نقطة.

وقالت سناء توفيق، رئيسة الأبحاث في "عارف حبيب"، إن التحفيزات القوية غيرت بسرعة معنويات المستثمرين من الخوف إلى الفرصة.