ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صلاة من رأى نجاسة على ثوبه بعد الانتهاء من الصلاة؟ فقد صلَّيتُ العشاء ظانًّا طهارة بدني وثوبي ومكان صلاتي، فلمَّا فرغتُ من الصلاة رأيت النجاسة في ثوبي. فهل تصح صلاتي لجهلي بالنجاسة؟
رؤية النجاسة بعد الصلاة
وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال، إن طهارة الثوب والبدن والمكان شرطٌ لصحة الصلاة، ولا تصح صلاة من صلَّى عالمًا بالنجاسة اتِّفاقًا، أمَّا مَن عَلِم بالنجاسة بعد الفراغ من الصلاة فصلاته صحيحة على المختار للفتوى، إلَّا أنَّه يستحبُّ له إعادتها خروجًا من الخلاف، ومن ثَمَّ فصلاتك صحيحة، لكن يستحب لك إعادتها.
وأكدت أنه مِن المقرَّر شرعًا أنَّ مراعاة طهارة الثوب والبدن والمكان لازمة لمن أراد الصلاة؛ أمَّا طهارة الثوب؛ فلقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، وأمَّا طهارة البدن؛ فلما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقبرين، فقال: ««إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنميمة» متفقٌ عليه.
وروى الشيخان أيضًا من حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلِّي».
وأمَّا طهارة المكان؛ فلقوله تعالى: ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، كما رُوي عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرةَ» أخرجه أبو داود والترمذي في "السنن"..
طهارة الثوب والبدن
وكذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: فِي المَزْبَلَةِ، وَالمَجْزَرَةِ، وَالمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ» أخرجه الترمذي في "سننه".
وتابعت: واستنادًا إلى تلك النصوص الشرعية فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في قولٍ، والشافعية، والحنابلة، إلى أنَّ طهارة الثوب والبدن والمكان شرطٌ من شروط صحة الصلاة، فمن صلَّى بالنجاسة متعمِّدًا عالمًا بها بطلت صلاته، ووجب عليه إعادتها.
واختلف الفقهاء في حكم صلاة من علم بالنجاسة بعد فراغه من الصلاة؛ فذهب الحنفية والشافعية في المذهب والحنابلة في رواية إلى أنَّ صلاته لا تصح، وعليه الإعادة.
وذهب المالكية والشافعية في القديم والحنابلة في الرواية الأخرى -وهي اختيار أكثر المتأخِّرين عندهم- إلى أنَّ صلاته صحيحة ولا يلزم إعادتها، وهو ما اختاره ابن المنذر، غير أن المالكية استحبوا إعادتها إذا كان الوقت باقيًا.
0 تعليق