تعتبر باكستان الخاسر الأكبر في أي صراع مع الهند من الناحية الاقتصادية، بعد اجتيازها فترة صعبة للغاية. ففي عام 2023، وجدت إسلام آباد نفسها على وشك التخلف عن سداد ديونها. ومنذ ذلك الحين، تتلقى باكستان الدعم الحيوي من حلفائها: فقد قدمت لها المملكة العربية السعودية والصين والإمارات العربية المتحدة مساعدات بقيمة 12 مليار دولار، وهو شرط أساسي لموافقة صندوق النقد الدولي على منح البلاد قرض بقيمة 7 مليارات دولار.
ووفقُا لتقرير نشره راديو فرنسا الدولي، فإن باكستان لا تزال هشة من الناحية الاقتصادية، ولا تزال حتى اليوم على حافة الإفلاس المالي: إذ هناك 60% من إيرادات الدولة تذهب إلى سداد الفوائد على الديون.
وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد حذرت في 5 مايو الماضي بالفعل من أن أي تصعيد عسكري مع الهند قد يؤثر سلبًا على النمو في باكستان ويعرض جهود الحكومة في تعزيز المالية العامة للخطر، وبالتالي تأخير تقدم البلاد نحو الاستقرار الاقتصادي الكلي.
ومن الممكن أيضا أن تؤدي التوترات بين البلدين إلى إضعاف قدرة إسلام آباد على الحصول على التمويل الخارجي وبالتالي الاتكاء على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، الذي يظل غير كافي لضمان سداد ديون باكستان الخارجية، لاسيما للصين، التي تعد المقرض المالي والمستثمر رئيسي في إسلام آباد.
حرب المياه
وعلى صعيد آخر، تعتمد باكستان بشكل كبير على الهند في الحصول على المياه. لكن في 24 أبريل الماضي، علقت الهند العمل بمعاهدة مياه نهر السند الموقعة بين البلدين عام 1960 والتي نصت على تقاسم المياه.
ووصفت السلطة التنفيذية الباكستانية هذا الإجراء بأنه "عمل حربي".
جدير بالذكر أن نهر السند يروي 65% من أراضي باكستان، بما في ذلك السهول الخصبة الشاسعة في البنجاب.
نهر السند، شريان الحياة في باكستان
وقال الباحث المشارك في مؤسسة البحوث الإستراتيجية، جيل بوكيرا، إن نهر السند هو شريان الحياة في باكستان؛ وروافده تروي البنجاب، حيث يُزرع الأرز البسمتي، وهو مصدر غذائي مهم ويعد من أهم الموارد المصدرة للبلاد.
وخلال التفجيرات التي وقعت في الأيام الماضية، ألحقت الهند كذلك أضرارًا بسد نيلوم-جيلوم الكهرومائي، الذي يستخدم لتوليد الكهرباء في كشمير، وهو بناء استراتيجي بالنسبة لباكستان.
وأوضح الباحث في مؤسسة البحوث الإستراتيجية، ألكسندر تايث، أن النمو السكاني في باكستان ازداد من 35 مليون نسمة في عام 1950 إلى 200 مليون نسمة حاليًا، أي أن البلاد تعتمد على مواردها، سواء في المياه أو في مجالات أخرى، وتحتاج إلى الطاقة الكهرومائية للتعامل مع انقطاعات التيار الكهربائي التي تستمر في بعض الأحيان لمدة تصل إلى عدة ساعات في اليوم.
وفي حال قيام الهند بتقليص أو قطع تدفق المياه إلى باكستان، كما هددت، فقد يكون ذلك بمثابة نقطة تحول في البلاد، وإذا تم اعتماد إلغاء معاهدة نهر السند، فسوف يدفع ذلك البلدين إلى حقبة من الغموض.
0 تعليق