100 يوم من حكم ترامب.. تحالفات تنهار وخرائط يعاد رسمها بالتدخل المباشر ـ موقع الآن نيوز

صدى البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقضت مئة يوم فقط على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أن آثار هذه العودة تبدو كأنها تعادل سنوات من التحولات الجذرية في النظام الدولي. 

منذ اليوم الأول لتنصيبه، أعاد الرئيس الأمريكي تشكيل ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، معيدًا إلى الواجهة أسلوبه الخاص الذي يتّسم بالصدامية، الأحادية، والمفاجآت السياسية والاقتصادية التي لا تتوقف. 

وبينما يُنظر إلى هذه الفترة القصيرة تقليديًا كمؤشر على اتجاهات الرئاسة، فإن أداء ترامب حتى الآن يشير إلى مسار غير مسبوق من إعادة رسم التحالفات، وزعزعة استقرار النظام العالمي، وتوسيع نطاق التدخل الأمريكي المباشر.

%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8_825_03144

إعادة ترتيب النظام الدولي

شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من ولاية ترامب الثانية تحولات كبرى في توجهات السياسة الأمريكية. إذ فرض الرئيس الأمريكي رؤيته الأحادية للعالم تحت شعار "أمريكا أولاً"، وأطلق مجموعة من الرسوم الجمركية الشاملة التي طالت دولًا حليفة وعدوة على حد سواء، في محاولة لإعادة تعريف المصالح الأمريكية ضمن منظور الصفقات لا الشراكات.

كما لم يتردد ترامب في تهميش الحلفاء الأوروبيين، وتخفيض المساعدات الخارجية بحجة مكافحة "الهدر"، مؤكدًا أنه لا يؤمن إلا بمبدأ "الأخذ والعطاء" في العلاقات الدولية. وعلى المستوى الداخلي، دخل ترامب في صراع مفتوح مع السلطة القضائية، مثيرًا جدلًا واسعًا حول طبيعة الحكم وشرعية بعض مؤسسات الدولة.

تقارب استراتيجي مع موسكو

من أبرز التحولات في السياسة الخارجية الأمريكية، التقارب اللافت مع روسيا. فقد أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين استمرت 90 دقيقة في فبراير، ما وضع حدًا للعزلة الدولية التي فرضتها إدارة بايدن على الكرملين عقب غزو أوكرانيا.

وأعقب ذلك مفاوضات أمريكية-روسية غير مسبوقة في السعودية، تمحورت حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، مما يشي بإمكانية عقد لقاء مباشر بين الزعيمين قريبًا. في المقابل، شددت إدارة ترامب لهجتها تجاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث شن ترامب ونائبه جاي دي فانس هجومًا لاذعًا عليه خلال لقاء في البيت الأبيض، ما أثار القلق حول التزام واشنطن تجاه كييف.

ومع تعثّر مفاوضات الهدنة بين روسيا وأوكرانيا، لم يتردد ترامب في التهديد بالانسحاب من العملية التفاوضية، ما لم تُحقق نتائج سريعة.

مفاوضات مع إيران

في تطور غير متوقع، استأنفت الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة مع إيران، عقدت جولتين منها في سلطنة عمان وروما بقيادة المفاوض ستيف ويتكوف، أحد المقربين من ترامب.

ورغم استمرار سياسة "الضغوط القصوى"، ألمحت إدارة ترامب إلى تفضيلها الحل الدبلوماسي بشأن البرنامج النووي الإيراني، مع التهديد الصريح بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري إذا ما تطلب الأمر ذلك.

كوريا الشمالية.. غائب بارز في أولويات واشنطن

على عكس ولايته الأولى التي شهدت لقاءات متكررة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، تغيب كوريا الشمالية بشكل شبه كامل عن أجندة إدارة ترامب الحالية. وكان الرئيس الأمريكي قد وصف سابقًا علاقته بكيم بأنها "علاقة حب"، بعد أن كاد يشن حربًا ضده في بدايات حكمه الأول.

ويأتي هذا الغياب في وقت يشهد فيه شرق آسيا توترات متزايدة، ما يثير التساؤلات حول أولويات إدارة ترامب في هذه المرحلة.

تصريحات مثيرة وتهديدات بضم أراضٍ ودول

واصل ترامب إطلاق التصريحات الصادمة التي اعتاد عليها الرأي العام خلال ولايته الأولى. فقد أعلن خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في فبراير، أن غزة يمكن أن تصبح "ريفييرا الشرق الأوسط"، في إطار خطة تقودها الولايات المتحدة لإعادة إعمار القطاع بعد الحرب، لكنها تتضمن نقل سكانه إلى دول أخرى — ما أثار موجة إدانات عربية ودولية واسعة.

كما كرر ترامب رغبته في ضم كندا، قائلًا إن الحدود بين البلدين "خط مصطنع"، وعبّر عن نيته "استعادة" قناة بنما، إضافة إلى اقتراحه السابق بضم غرينلاند، في تصريحات أثارت الاستهجان والسخرية عالميًا.

سياسة الهجرة والتشدد الداخلي

على المستوى الداخلي، كثّف ترامب من سياساته المتشددة تجاه المهاجرين. فقد أمر بترحيل آلاف المهاجرين غير النظاميين، وتم نقل بعضهم إلى سجون شديدة الحراسة في السلفادور. كما شن حربًا على عصابات المخدرات المكسيكية، معتبرًا إياها "منظمات إرهابية أجنبية"، في خطوة تندرج ضمن مساعيه لتشديد قبضة القانون على الحدود.

صراع مع القضاء الأمريكي

في مشهد غير مألوف في الديمقراطيات الغربية، هاجم ترامب القضاء الفدرالي بشراسة بعد أن أوقف أحد القضاة قرارًا رئاسيًا بترحيل مهاجرين. وطالب علنًا بإقالة القاضي، واصفًا إياه بـ"الفاسد" و"المسيس"، في تصعيد غير مسبوق ضد السلطة القضائية.

ويُعد ترامب أول رئيس أمريكي يُدان بحكم جنائي، بعد محاكمته العام الماضي في نيويورك، وهو ما يعكس عمق الأزمة القانونية والسياسية التي تواجه إدارته، خاصة في ظل تلميحاته المتكررة بنيّته الترشح لولاية ثالثة، رغم أن الدستور الأمريكي لا يجيز ذلك.

100 يوم تثير القلق وتُمهّد تحولات كبرى

رغم قصر المدة التي قضاها ترامب في ولايته الثانية، إلا أن السياسات التي انتهجها أعادت ترتيب أولويات الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا، وأثارت قلقًا عالميًا بشأن استقرار النظام الدولي.

وفيما يسود اعتقاد بأن ما يحدث هو محاولة لتثبيت نفوذ أمريكي جديد قائم على السيطرة الاقتصادية والسياسية المباشرة، لا يزال العالم ينتظر ليرى ما إذا كانت هذه المئة يوم مجرد بداية لحقبة من الفوضى، أم أنها مقدمة لتحولات إستراتيجية محسوبة ضمن أجندة ترامب السياسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق