لبنان.. الغائب الحاضر في خطاب الشرع - موقع الآن نيوز

الأسبوع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

- دهاليز النظام الجديد وصراع الجغرافيا المقدسة!

- غياب لا يُستهان به.

- نقطة، ومن أول السطر: لبنان.

البلد الذي يعيش على أرضه أكثر من مليون لاجئ سوري، وتتنفس فيه الأزمات بصوت مرتفع، غاب عن خطاب الشرع كما لو أنه لم يكن موجودًا أصلًا. غيابٌ لم يكن بريئًا، ولا عفويًا، بل كان الصمت فيه أفصح من التصريح، وأشد وقعًا من الكلمات.

في زمن تُعاد فيه صياغة خريطة الشرق الأوسط، يصبح الغياب أداةً، والتغاضي رسالةً سياسية بامتياز. إسقاط لبنان من الخطاب ليس مجرد خطأ بروتوكولي، بل انعكاس لتحولات عميقة في فهم النظام القادم، حيث لا مكان للضعفاء، ولا صوت لمن لم يدخل بيت الطاعة.

التحالفات الناعمة.. من منطق السيادة إلى هندسة الولاء

المنطقة تُرسم اليوم ليس وفق إرادة الشعوب، بل بناءً على خرائط خفية تُدار في غرف مغلقة. الخطاب العربي الرسمي يتماهى شيئًا فشيئًا مع مشروع «هندسة الولاء»، حيث يُعاد ترتيب الأوراق وفق منطق التحالفات الناعمة، لا المعارك الصلبة.

لم يعد الصراع بين قوى تقليدية، بل بين من يُسلّم بالشروط الجديدة ومن يرفض. وهنا يتضح أن خطاب الشرع لم يكن موجّهًا للداخل فقط، بل للغرب الذي يرعى «نظام الطاعة الجديد»، حيث تتحول الجغرافيا إلى خدمة المصالح الاقتصادية والعقائدية الملفوفة بخطاب «السلام الإبراهيمي»، ذلك المشروع الذي أعلنه ترامب، لا كنداء حوار حضاري، بل كمنصة لإعادة صياغة المشهد السياسي والديني في المنطقة.

لبنان في مرمى الخرائط الاقتصادية والأمنية

رغم صغره، يشكل لبنان بوابة استراتيجية تمتد من البحر المتوسط إلى الحدود السورية، مرورًا بمخيمات اللاجئين، والمرافئ المعطّلة، والمصارف المُفخخة. وهو بذلك، يشكل محورًا حساسًا في صراع أكبر من حدوده، بين مشروع الغرب ومحور الصين وروسيا الباحثين عن ممرات آمنة لمبادرة «الحزام والطريق».

لم يغب عن عقل صانع القرار الغربي أن لبنان قد يكون ذات يوم منفذًا للصين على المتوسط، أو شريانًا لمشروع روسي في شرق المتوسط، لذا يُدفع به اليوم نحو الانهيار الصامت، والتفكك الداخلي، تمهيدًا إما لترويضه أو استبعاده من المعادلة الجديدة.

اللاجئون: أرقام على هامش الجغرافيا السياسية

اللاجئون السوريون في لبنان، الذين يعيشون هناك منذ سنوات، أصبحوا ورقة مساومة دولية أكثر من كونهم حالة إنسانية. يُستخدم وجودهم كورقة ضغط على الدولة اللبنانية، وورقة تفاوض مع دمشق، كما يتم توظيفهم في الخطابات الأممية بحسب الحاجة.

تجاهلهم في الخطاب لا يعني النسيان، بل هو جزء من لعبة إعادة توزيع الأوراق، في خضم عملية أوسع لإعادة تشكيل الاصطفاف والتحالفات في المنطقة.

التحالف الإبراهيمي: عباءة جديدة لمشروع قديم

حين أطلق ترامب خطابه حول التحالف الإبراهيمي، لم يكن يتحدث عن إيمان مشترك، بل عن اصطفاف جيوسياسي تحت غطاء ديني ناعم، يمر عبر تل أبيب ويصل الخليج، ويترك بيروت ودمشق خارج خارطة السلام.

إنه مشروع يؤسس لعالم عربي جديد بلا مقاومة، بلا لاجئين، وبلا دول خارج النسق.

خاتمة: ما بين الغياب والتغييب.. .لبنان مرآة مأزقنا العربي

لم يكن تغييب لبنان عن الخطاب إلا انعكاسًا لمأزق أعمق: مأزق الخطاب العربي الرسمي في زمن التحولات الكبرى. ففي لحظة يُعاد فيها رسم خرائط الولاء والهيمنة، يتحول لبنان من ساحة فاعلة إلى ملف مؤجل، ومن أزمة داخلية إلى تفصيل صغير في معادلات كبرى.

وهكذا، تُغيب الدول كما تُغيَّب القضايا، لا لأن حضورها غير مهم، بل لأن وجودها يُربك الصفقات.

لبنان، في صمته وتهميشه، يختزل حال أمة تعيش على هامش الخرائط الدولية، أمةٍ ما زالت تبحث عن صوت في زمن تُكتب فيه اللغة بلغة المصالح، لا المبادئ.. .!!

اقرأ أيضاً
وزير الزراعة يبحث مع نظيره اللبناني تعزيز التعاون المشترك بين البلدين

مايا مرسي تلتقي وزيرة الشؤون الاجتماعية بلبنان

القاهرة الإخبارية: غارة الاحتلال على منطقة «الحدث اللبنانية» كانت مباغتة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق