هدنة تحت المجهر.. هل يصمد وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان؟ ـ موقع الآن نيوز

صدى البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تُعد العلاقات بين الهند وباكستان من أكثر الملفات حساسية في السياسة الدولية، نظرًا للتاريخ الطويل من النزاعات المسلحة، والاتهامات المتبادلة، والتهديدات النووية التي تلقي بظلالها على منطقة جنوب آسيا بأكملها. 

ورغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين الجارتين النوويتين في وقت سابق، إلا أن التصعيدات الأخيرة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي، أعادت إلى الواجهة تساؤلات قديمة جديدة: هل يصمد هذا الاتفاق في وجه التحديات، أم أن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من الاشتباكات؟

وفي ظل هذا المناخ المتقلب، تزداد أهمية البحث في مدى استقرار اتفاق وقف إطلاق النار، وما إذا كانت هناك تخوفات حقيقية من فشله، خاصة بعد التوترات الكلامية والحدودية الأخيرة، وتزايد التحركات العسكرية في المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها إقليم كشمير.

اتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند

ورغم بعض المناكفات الحدودية واستخدام الأسلحة الخفيفة بين الطرفين على طول الحدود، لا سيما في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، إلا أن باكستان تميل دائمًا إلى التفاؤل بشأن استمرار هذه الهدنة، واتفاق وقف إطلاق النار، على أمل أن تتحول هذه الاشتباكات المتقطعة إلى أمن وسلام دائمين في جنوب آسيا.

وقد عبّر رئيس الوزراء الباكستاني عن هذا التوجه بشكل واضح، مؤكدًا للمجتمع الدولي أن بلاده لن تخرق الهدنة، ولن تكون سببًا في تعطيل الجهود الدولية المبذولة لإحلال الاستقرار، وخصوصًا جهود الولايات المتحدة الأمريكية، التي لعبت دورًا محوريًا في الوصول إلى هذا الاتفاق، بحسب التصريحات الباكستانية.

أما من الجانب الهندي، فرغم التصعيد الإعلامي وردود الفعل الغاضبة في الشارع، لم تُسجّل خروقات جدية داخل العمق الباكستاني منذ إعلان وقف إطلاق النار وحتى الآن، ما يشير إلى وجود التزام نسبي من قبل الهند، أو على الأقل، رغبة في تجنب مواجهة مباشرة.

لكن في المقابل، يواجه رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، ضغوطًا داخلية متزايدة، مع اتهامات بالفشل في تنفيذ وعوده المتعلقة بـ"القضاء على بؤر الإرهاب"، وهي اتهامات أطلقتها قوى قومية متشددة داخل الهند، وصلت إلى حد مطالبة البعض بمقاضاته على خلفية "التراخي"، وفق تعبيرهم، تجاه ما يرونه تهديدًا أمنيًا من داخل الأراضي الباكستانية.

ورغم هذه التوترات، تبقى الأوضاع هادئة نسبيًا، وهناك تفاؤل حقيقي في الأوساط الدبلوماسية بإمكانية استمرار هذه التهدئة، لاسيما في ظل إدراك الطرفين أن الحرب ليست في صالح أي منهما، ولا في صالح المنطقة ككل، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتغير التوازنات الدولية.

ورغم أن الولايات المتحدة، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب، كانت الأكثر حضورًا في المشهد الإعلامي والدبلوماسي المرتبط بوقف إطلاق النار، إلا أن جهود الوساطة لم تقتصر على واشنطن وحدها، بل شاركت فيها دول عديدة، بعضها لم يُعلن عن دورها رسميًا.

  • الصين: كان لها دور دبلوماسي بارز، وأشاد به المسؤولون الباكستانيون، خاصة في ظل علاقات التعاون العسكري والتقني بين بكين وإسلام آباد. وقد ساهمت الصين في تهدئة الموقف عبر قنوات الاتصال مع الطرفين، رغم حساسيتها في التعامل مع الهند.
  • المملكة العربية السعودية: لعبت الرياض دورًا مهدئًا، بحسب ما أكده كل من رئيس الوزراء الباكستاني والناطق باسم الجيش، وإن لم تُعلن تفاصيل هذا الدور بشكل رسمي، إلا أن الدعم السعودي لجهود التهدئة كان محل تقدير في إسلام آباد.
  • بريطانيا: استجابت الحكومة البريطانية لنداءات باكستان بشأن التدخل السياسي والدبلوماسي لمنع تدهور الأوضاع، وقدمت مساهمات ووساطات عبر القنوات الخلفية، وتلقت شكرًا رسميًا من الحكومة الباكستانية.
  • إيران: فاجأت الأوساط السياسية الدولية بدور نشط وفعّال، حيث أرسل وزير خارجيتها مبكرًا إلى كل من نيودلهي وإسلام آباد في الساعات الأولى من تصاعد التوترات. وقد خصّها رئيس الوزراء الباكستاني بالشكر في خطابه أمام البرلمان، مشيدًا بما وصفه بـ"الدور الإيراني البناء" في احتواء الأزمة، مما يجعلها من أبرز الأطراف الإقليمية المساهمة في التهدئة بعد الولايات المتحدة.

سلامٌ مؤقت أم استقرار دائم؟

لا يمكن الجزم بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان سيصمد إلى أجل غير مسمى، لكنه في الوقت الراهن يُمثل فرصة ثمينة لتحويل النزاع الطويل إلى حوار دائم، خصوصًا في ظل توافر الإرادة الدولية والإقليمية لمنع اندلاع حرب جديدة.

ورغم التحديات الداخلية في كلا البلدين، والتجاذبات السياسية، يبقى الأمل معقودًا على استمرار الهدوء الحذر، وتحويله إلى خطوات دبلوماسية أكثر عمقًا، بما يُعيد رسم ملامح العلاقة بين القوتين النوويتين، ويُجنب المنطقة والعالم خطر الانزلاق إلى مواجهة لا تُحمد عقباها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق