أجمع إعلاميون عرب على أن منتدى التعاون الإعلامي لدول منظمة شنغهاي 2025 يعد جسرا للحوار والتقارب الإعلامي وتعزيز التعددية في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الإعلامي العالمي.
وأكدوا، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة، أن هذا الحدث يشكل فرصة نادرة لإعادة التوازن في تدفق المعلومات، بعيدًا عن الهيمنة الإعلامية التقليدية، مشيرين إلى أهمية بناء شراكات إعلامية قائمة على الاحترام المتبادل وتبادل الخبرات، خاصة في مجالات التغطية متعددة اللغات، والتقنيات الرقمية، ومكافحة المعلومات المضللة.
وقال عبدالعزيز درويش المذيع في تلفزيون دولة الكويت إن منتدى التعاون الإعلامي لمنظمة شنغهاي للتعاون 2025 مهم جدا لتبادل الخبرات الإعلامية بين الشعوب المختلفة، خاصة في ظل مشاركة خصوصا نحو 26 دولة وحضور أكثر من 200 شخص.
وأضاف درويش أن المنتدى يركز على التقنيات الحديثة في الإعلام وخاصة موضوع الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في مجال الإعلام وتطوير عملية الإنتاج الإعلامي والمحتوى الخبري.
ولفت إلى أن الحلقات النقاشية بالمنتدى مثمرة جدا لأنها تتطرق إلى موضوع صناعة المحتوى الإعلامي في البلدان المختلفة واحتياجات كل منطقة ، و ما هي التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد في نشر الخبر مع ذكر نماذج وأمثلة وقصص حية.
وذكر أن التجارب الإعلامية في دول منظمة شنغهاي، خصوصًا في مجال الإعلام الرقمي والتلفزيون العابر للحدود، يمكن أن تتعاطى إيجابيا عبر التعاون مع المؤسسات العربية لتطوير الأدوات والأساليب في مخاطبة الجمهور المحلي والدولي.
من جهتها، قالت يارا إبراهيم، المسؤول الإعلامي لمجموعة بيت الحكمة للصناعات الثقافية إن هناك حاجة ملحة إلى الحوار الثقافي والتفاهم بين الشعوب أكثر من أي وقت مضى، في ظل عالم يتسم بتسارع وتيرة العولمة وتزايد التحديات العابرة للحدود.
وأضافت أنه من هذا المنطلق، يبرز المنتدى الإعلامي لدول منظمة شنغهاي للتعاون كمنصة استراتيجية تلعب دوراً محورياً في تعزيز التفاهم المتبادل، وبناء جسور التواصل بين مختلف الثقافات والشعوب في المنطقة.
ولفتت إلى دور المنتدى في تعزيز التعددية الثقافية والاحترام المتبادل، حيث يضم ممثلين إعلاميين من دول تتميز بتنوع عرقي وديني وثقافي واسع، مثل الصين، روسيا، الهند، باكستان، ودول آسيا الوسطى.. ومن خلال الحوار الإعلامي وتبادل التجارب، يسهم المنتدى في كسر الصور النمطية وتعزيز قيم التسامح والتعايش، وهو ما يعد أساساً لبناء مجتمع إقليمي متفاهم ومتماسك.
وأبرزت دور المنتدى في دعم الإعلام كشريك في التنمية والسلم، حيث يلعب الإعلام دوراً محورياً في صياغة الوعي الجماهيري وتوجيه الرأي العام، ومن خلال المنتدى، يتم تبادل الخبرات في كيفية توظيف الإعلام لخدمة أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف، وترويج ثقافة السلام والتعاون.
وأشارت إلى أن المنتدى يشكل مساحة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية لتبادل وجهات النظر حول التحديات المشتركة مثل التضليل الإعلامي والأخبار الزائفة، كما يسهم في تعزيز التعاون الإعلامي بين الدول الأعضاء عبر توقيع اتفاقيات شراكة، وتنظيم برامج تدريبية مشتركة، وإطلاق مشاريع إعلامية عابرة للحدود.
وخلصت إلى أن المنتدى الإعلامي لدول منظمة شنغهاي للتعاون ليس مجرد مناسبة رسمية، بل هو منصة استراتيجية لإعادة صياغة العلاقة بين الإعلام والثقافة والسياسة، متابعة أنه في ظل عالم تتشابك فيه المصالح وتتقاطع الثقافات، تبقى مثل هذه المنتديات ضرورة ملحّة لتعزيز الحوار البنّاء، وتحقيق التفاهم بين الشعوب، وترسيخ السلام والتنمية في المنطقة والعالم.
في السياق ذاته ، قال الإعلامي اللبناني شربل بركات رئيس قسم الأخبار الدولية في صحيفة الجريدة الكويتية؛ إن المنتدى ينعقد في لحظة مفصلية يشهد فيها الإعلام العالمي تحولات تقنية ويتأثر بمتغيرات جيوسياسية متسارعة.
وأضاف بركات أنه بات واضحاً أن التقنيات الرقمية وتطورات الذكاء الاصطناعي تعيد رسم مشهد الإعلام الدولي، وتطرح تحديات على صعيد إنتاج المحتوى وتوزيعه ومصداقيته، ولم تعد السيطرة على المعلومة حكراً على مراكز القوة التقليدية، بل باتت الدول التي تمتلك البنية التحتية الرقمية والقدرة على الاستثمار في التقنيات الحديثة، مثل الصين، أكثر قدرة على التأثير في الرأي العام العالمي.
وتابع: "في موازاة ذلك، نشهد تراجعاً ملموساً في الحضور الدبلوماسي والاقتصادي للولايات المتحدة على الساحة الدولية، وقد ساهمت في ذلك السياسات الحمائية التي انتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي حفّزت السعي إلى تأسيس نظام دولي متعدد الأقطاب.
وأبرز أنه من هذه المنطلقات، تسعى الصين في ظل رئاستها الدورية لمنظمة شنغهاي واستضافتها قمة المنظمة في تيانجين في الخريف المقبل، إلى الدفع باتجاه نظام إعلامي دولي جديد أكثر توازناً يكسر احتكار المنظومات الغربية التي لطالما سيطرت على تدفق المعلومات وتأطير السرديات حول العالم، وقد برز هذا التوجه بوضوح في أعمال المنتدى، حيث روّجت بكين لرؤية إعلامية تقوم على “التعددية في السرد” و”الاحترام المتبادل للخصوصيات الوطنية”.
ولفت إلى أنه لا يمكن إغفال أن الصين، بما تمتلكه من قدرات مالية وتجارية، تُعد الطرف الأوفر حظاً لقيادة التحول نحو نظام إعلامي دولي أكثر توازناً خصوصاً أن الهدف السياسي الذي تطرحه والمتمثل في كسر احتكار الخطاب الإعلامي الغربي.
وأشار إلى أن هذا التوجه الصيني يتقاطع بشكل طبيعي مع تطلعات العديد من الدول العربية التي لطالما عانت من هيمنة الإعلام الغربي، والذي كثيراً ما استُخدم كأداة ضغط سياسي ، وبالتالي فإن هذه المبادرة الصينية فرصة حقيقية للدول العربية كي تكون شريكاً فاعلاً في صياغة إعلام عالمي جديد وانعكس ذلك في المشاركة الواسعة في المنتدى من قبل الدول العربية الأعضاء في منظمة شنغهاي كشركاء حوار.
بدورها، قالت إيناس عوض مسؤولة الشؤون البلدية في صحيفتي السياسة و"أرب تايمز" الكويتيتين أن "روح شنغهاي" هو العنوان العريض الذي كرسه منتدى التعاون الإعلامي لدول منظمة شنغهاي في نسخته الـ 25 لعام 2025 التي تقام في مدينة أورموتشي ذات الخصوصية الاستثنائية من حيث المكان والأهمية على طريق الحرير.
وأضافت أن المشاركة العربية تعكس الاعتراف بالأهمية العربية والدور المحوري المؤثر على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن تأكيدها على دور الإعلام في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين بالتوازي مع دعم النمو الاقتصادي المستدام الذي يشكل حاجز الصد المنيع ضد التحديات المتنوعة لاسيما الجيوسياسية منها التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط عموما والمنطقة العربية خصوصا .
وذكرت عوض أنه بعيدا عن أهداف منظمة دول شنغهاي التي تركز على العديد من القيم المحورية والتي من أبرزها تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين دول الأعضاء، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الديني أو العرقي. والتعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية، يشكل منتدى التعاون الإعلامي للدول العربية تحديدا استراتيجية متكاملة تستهدف في مضمونها العميق دعم التمازج الثقافي وتوظيفه لصالح الحوار البناء بغية خلق فرص جديدة ترتقي بحياة الشعوب وتنهض بها.
0 تعليق