في سجل الإنجازات الثقافية المصرية، يحتل فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، مكانة خاصة كأحد أبرز من تبنوا مشروعًا قوميًّا للنهضة الثقافية في ربوع البلاد، تولّى فاروق حسني الوزارة منذ عام 1987 وحتى 2011، وهي فترة شهدت تحولات كبرى على الساحة الثقافية والاجتماعية، لعبت فيها قصور الثقافة دورًا استراتيجيًا في مواجهة التطرف ونشر التنوير.
مشروع قومي لمقاومة الظلام بالفكر
منذ توليه المنصب، كان فاروق حسني مدركًا لخطورة الفراغ الثقافي في المحافظات والمناطق المهمشة، واعتبر أن ترك هذه المساحات دون أنشطة ثقافية وتعليمية يعني تسليمها لقوى الظلام، من جماعات إرهابية وتيارات متشددة، ومن هنا، جاءت رؤيته الواضحة: "الثقافة سلاح ناعم في مواجهة الإرهاب، والتنوير هو الحصن الأول للمجتمع".
قصور الثقافة: معاقل تنوير لا مبانٍ فقط
عمل الوزير الأسبق على تطوير وتحديث قصور وبيوت الثقافة في مختلف المحافظات، وتحويلها من مبانٍ معزولة إلى مراكز إشعاع حضاري ومعرفي، تهدف إلى بناء الوعي ومقاومة الجهل والخرافة، وتم إنشاء وتجديد عشرات المواقع الثقافية، مع تزويدها بمكتبات، قاعات عروض، مسارح، وورش تعليمية.
استهداف المناطق الأكثر هشاشة
أولى فاروق حسني اهتمامًا خاصًا بالمناطق الحدودية والنائية، التي لطالما كانت بعيدة عن خريطة النشاط الثقافي، تم افتتاح قصور ثقافة في شمال سيناء، الوادي الجديد، مطروح، وأسوان، إلى جانب دعم برامج ثقافية موجهة للأطفال والشباب، تسعى لترسيخ قيم المواطنة والانتماء في مواجهة الأفكار المتطرفة.
الثقافة بديلًا عن الكراهية
حرصت الوزارة في عهده على تقديم محتوى فني وفكري يعزز من قيم التسامح، الحوار، واحترام الآخر، عبر فعاليات دورية في قصور الثقافة، منها المسرح، الموسيقى، الشعر، والندوات الفكرية، كما تم دعم الكتاب والنشر المحلي، وتوفير الكتب بأسعار رمزية، لنشر الوعي في الطبقات الأكثر عرضة لخطاب الكراهية.
كان مشروع فاروق حسني لتطوير قصور الثقافة أكثر من مجرد تطوير للبنية التحتية؛ بل كان رهانًا على التنوير في معركة طويلة ضد التطرف، وبفضل هذه الرؤية، أصبحت قصور الثقافة جزءًا أساسيًا من معركة الوعي، وجسورًا تمتد من قلب العاصمة إلى أطراف الوطن، حاملة مشاعل الفكر والفن في وجه الظلام.
0 تعليق