الضابط اليمني حسن الوهيب، منذ عام 2012، غابت أخبار خمسة ضباط يمنيين كانوا قد ابتُعثوا للدراسة في سوريا، ليظل مصيرهم مجهولًا لمدة تزيد عن اثني عشر عامًا، لكن في تطور مفاجئ، أعلن المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عن العثور على أحد هؤلاء الضباط، حسن محمد يحيى الوهيب، في مستشفى في دمشق في حالة صحية ونفسية سيئة للغاية.
قد يكون العثور عليه في ظل هذا الغموض الطويل بمثابة شعاع من الأمل لأسرهم، لكنه يحمل أيضًا ملامح مأساة إنسانية تستحق أن تُروى.
الضابط اليمني حسن الوهيب
وفي عام 2010، قررت الحكومة اليمنية إرسال مجموعة من الضباط الشباب للدراسة في أكاديمية الأسد العسكرية في سوريا، ضمن برنامج أكاديمي هدفه تطوير مهاراتهم العسكرية.
ومن بين هؤلاء كان حسن الوهيب، الذي كان أحد الضباط المبتعثين، وزملاؤه محمد عبده المليكي، علي حسين سلامة، هاني صالح نزار، أحمد علي ردمان، والطبيب رياض العميسي.
لكن بعد اندلاع الأزمة السورية في 2011، تدهورت الأوضاع الأمنية في البلاد، وتعرض الطلاب اليمنيون للاختطاف والاحتجاز، حتى اختفى أثرهم تمامًا في 2012، ومنذ ذلك الحين، أصبحت عائلاتهم تعيش في ظلام دامس، تتنقل بين الأمل واليأس في محاولة للكشف عن مصير أبنائهم.
حسن الوهيب: العائد من سجن صيدنايا
وبعد سنوات من الغموض، عثر مواطنون سوريون على حسن الوهيب في مستشفى في دمشق، حيث كان يعاني من حالة صحية ونفسية مدمرة، ووفقا للمصادر، كان الوهيب قد سُجن في سجن صيدنايا، أحد أسوأ السجون السورية سمعة في مجال التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من أن النظام السوري كان قد أنكر في وقت سابق وجود هؤلاء الضباط في سجونه، إلا أن حالته المأساوية أظهرت الحقيقة القاسية.
وتتحدث التقارير عن تعرض الوهيب لتعذيب نفسي وجسدي طوال سنوات احتجازه، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في صحته العامة، فقد تم العثور عليه في حالة من الإنهاك الشديد، يعاني من أمراض جسدية مزمنة وأزمة نفسية كبيرة.
هذا الكشف جاء بعد أسبوعين من إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، ليزيد من تعقيد الحكاية الإنسانية التي تكشف عن حجم المعاناة التي مر بها هؤلاء الضباط.
محاولات الحكومة اليمنية لإعادة الضابط
منذ أن تأكدت الحكومة اليمنية من مكان وجود الوهيب، بدأت عبر سفارتها في عمان في اتخاذ خطوات عاجلة لإعادته إلى اليمن، وعبر العديد من الجهود التي بذلتها الحكومة، تم التنسيق مع السلطات السورية الانتقالية لتمكين الوهيب من العودة إلى بلاده ليعيش في وطنه، حيث يمكنه تلقي العلاج النفسي والجسدي الذي يحتاجه.
ومع ذلك، فإن الوهيب ليس الوحيد، فمصرع باقي الضباط المفقودين، الذين ما زالوا في عداد المجهولين، يشكل معضلة لا تزال تحتاج إلى حل.
المصير المجهول لبقية الضباط
وحتى هذه اللحظة، لا يزال مصير الضباط الأربعة الآخرين غامضًا، لكن يواصل المركز الأمريكي للعدالة دعواته للكشف عن مصيرهم، مؤكدًا ضرورة تكثيف الجهود من قبل الحكومة اليمنية وسلطات سوريا الانتقالية للكشف عن الحقيقة وضمان عودة هؤلاء الضباط إلى وطنهم.
التعذيب والعواقب النفسية
والتعذيب الذي تعرض له حسن الوهيب وغيره من الضباط المفقودين في سجون النظام السوري لم يكن مجرد ألم جسدي، بل أثر بشكل عميق في حالتهم النفسية.
وتشير التقارير إلى أن الوهيب يعاني من اضطرابات نفسية شديدة نتيجة للتعذيب الممنهج والحرمان من الحرية لمدة طويلة، حيث أصيب بصدمة نفسية من جراء الانتهاكات التي تعرض لها، ولا شك أن هذا التأثير النفسي سيتطلب وقتًا طويلاً للتعافي.
إن مأساة الوهيب وزملائه تشكل جزءًا من مئات القصص الإنسانية التي تحمل في طياتها معاناة كبيرة، لكنها تبرز أيضًا الحاجة الملحة لجهود أكبر من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لملاحقة الجناة ومحاسبتهم، وضمان تقديم الدعم النفسي والطبي لجميع الضحايا.
اقرأ المزيد: سجن صيدنايا الأحمر.. انتهاء كابوس «المسلخ البشري»
0 تعليق