أعلنت الحكومة المغربية، عن تحقيق القطاع السياحي في المغرب “انتعاشة” قوية في عام 2024، ببلوغه 17.4 مليون سائح، متجاوزا التوقعات وحتى الأهداف المرحلية المحددة لعام 2026.
وفيما أشادت فرق الأغلبية النيابية، بهذا الانجاز “غير المسبوق”، داعية إلى مواصلة هذه الدينامية لتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية رائدة، انتقدت مكونات المعارضة بمجلس النواب، ما اعتبرته “تضخيما” من الحكومة لأعداد السياح الذين زاروا المغرب في سنة 2024، (17.4 مليون سائح) باحتساب أفراد الجالية المغربية بالخارج، منبهة إلى أن هذه الفئة تمثل حوالي نصف هذا الرقم.
في هذا السياق أوضح الخبير الاقتصادي، محمد جدري، أنه رغم استقبال 17.4 مليون سائح في عام 2024، إلا أن العائدات السياحية لم تتجاوز 120 مليار درهم، في حين كان ينبغي تحقيق 170 مليار درهم. مرجعا هذا الفارق، إلى انخفاض متوسط إنفاق السائح وقصر مدة إقامته، مؤكداً على أهمية تنويع المنتجات السياحية وتحسين الخدمات لجذب سياحة ذات قيمة مضافة أعلى، بما يتيح تحقيق عائدات أكبر وخلق فرص للشغل.
وأكد جدري، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن النجاح الكبير الذي حققته الحكومة في دعم القطاع السياحي، مشيراً إلى أن “المجهود الكبير” المبذول انعكس إيجاباً على أداء القطاع، حيث تجاوزت النتائج السنة المرجعية 2019، بل وحتى الأهداف المرحلية المحددة لعام 2026. مشيدا بمجموعة من المبادرات الحكومية، كـ “خارطة الطريق 2025-2026” و “بنك المشاريع” ، التي ساهمت في تحقيق هذه الانتعاشة.
لكن جدري شدد في الوقت ذاته على ضرورة التركيز على “الكيف” بالإضافة إلى “الكم”، محذراً من ثلاث نقاط أساسية تعيق تطور القطاع، انخفاض نسبة عودة السياح إلى المغرب، وقصر مدة إقامة السياح، وتراجع متوسط إنفاق السائح الأجنبي. ودعا إلى التركيز على تحسين “العرض السياحي” و “العرض الترفيهي” لجذب السياح وإطالة مدة إقامتهم وتشجيعهم على إنفاق المزيد.
ولفت المتحدث إلى أن جمهورية مصر العربية على سبيل المثال رغم استقبالها فقط 15.7 مليون سائح خلال نفس السنة، إلا أنها حققت، أكثر من 14 مليار دولار كعائدات سياحية مقارنةً بـ 11 مليار دولار فقط حققها للمغرب، وأنه في مقابل 150 مليون ليلة مبيت سجلت بمصر، سجل المغرب مقابل 30 مليون ليلة مبيت تقريبًا في المغرب.
واعتبر فريق التقدم والاشتراكية، أمس بمجلس النواب، أنه “باستثناء ملياري درهم التي تم رصدها للقطاع لتجاوز تداعيات الجائحة، فالمنجز في السياحة لا يعود إلى مجهود مبتكر، بل هو نتيجة طبيعة للمجهود الذاتي للمهنيين ولسياقات موضوعية لا علاقة للحكومة بمعظمتهما”.
وأشار إلى عوامل ساعدت القطاع، مثل النتائج التي حققها المنتخب المغربي في مونديال قطر وبعده، وانتعاش السفر بعهد كورونا خاصة لدى مغاربة العالم، “الذين نتساءل عن أي منطق غريب تستعملهم الحكومة لاحتساب أرقام السياح، خاصة عندما يزورون وطنهم الأم ويقيمون لدى أسرهم”.
وأكد الفريق الحركي بمجلس النواب، أنه في ظل خطاب التفاؤل المروج من طرف الحكومة، فإن الطموحات لا تلائم النتائج المحققة بالقياس الى الأسواق المنافسة، حيث حققت إسبانيا 94 مليون سنة 2024، وإيطاليا 90 مليون سائح سنة 2024، وتركيا 40 مليون سائح سنة 2024، والبرتغال 30 مليون سائح سنة 2024
وسجل الفريق البرلماني، أن “عدم توازن هذه المنافسة يؤدى الى ما يسمى بالخسارة في الأرباح لفائدة الدول المنافسة، والدليل أن العملة الصعبة المستقطبة نحو بلادنا إرتفعت ب 7% بينما ارتفعت نسبة العملة الصعبة المصدرة من طرف سياحة المغاربة بالخارج ب 20% وهذا بشهادة مكتب الصرف”.
وشدد المصدر ذاته، على ضرورة العمل على جذب أسواق جديدة كالسوق الصيني والهندي والافريقي وذلك عن طريق الترويج والتسويق للمنتوجات السياحية المغربية، لافتا إلى أن وزارة السياحة، “لا تنتبه لأهمية السياحة الداخلية، إلا في فترة الأزمات التي قد يمر منها هذا القطاع نتيجة لظروف معينة، وهو ما يعبر عن قصور في الرؤية لسياسة سياحية مطبوعة بتداعيات الغلاء في مختلف المجالات”.
0 تعليق