كيف يساهم تقليل تداول الكاش ورقمنة الدفع في تحقيق العدالة الضريبية بالمغرب؟ - الآن نيوز

0 تعليق ارسل طباعة

شهد المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في تداول النقود النقدية (الكاش)، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول تحقيق العدالة الضريبية في ظل هذا التوجه. وعلى الرغم من أن الموظفين في القطاعين العام والخاص يتم اقتطاع الضرائب من أجورهم بشكل مباشر، يبقى هناك فئة من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين يدفعون ضرائب لكن لديهم هامش واسع للتلاعب أو التهرب الضريبي، مما يؤدي إلى تفاوت في حجم الإيرادات الضريبية بين الفئات المختلفة.

ويعد المغرب من الدول التي تشهد تداولا كبيرا للنقود النقدية، حيث بلغ حجمها العام الماضي أكثر من 400 مليار درهم، ما يعادل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لتصريحات والي بنك المغرب في يونيو الماضي.

تداول الكاش

في هذا السياق، يصبح حسب الخبراء من الضروري التفكير في سبل تقليل تداول الكاش وتطوير وسائل الدفع الرقمي، التي من شأنها أن تساهم في تحقيق العدالة الضريبية، إذ أنه من خلال رقمنة المعاملات المالية، سيكون بإمكان الجهات المختصة تتبع دخل هذه الفئات بشكل أدق وشفاف، مما يساهم في الحد من التلاعب الضريبي ويضمن مساهمة جميع المواطنين بشكل عادل في التمويل العام.

في هذا السياق أكد المحلل الاقتصادي، أمين سامي، أن رقمنة الخدمات والحد من تداول الكاش يمكنه أن يساهم في تحقيق العدالة الضريبية، وهو ما يمكن أن يتأتى من خلال رقمنة الخدمات.

واعتبر المتحدث ذاته أن هذه الخطوة يمكن أن تحقق الشفافية المالية، حيث تقلل الرقمنة من العمليات النقدية المخفية، مما يجعل من الصعب معها التهرب الضريبي، فعلى سبيل المثال، تسجيل المعاملات الرقمية في قواعد بيانات مركزية يسهل تتبع الإيرادات، كما أن التقليل من تداول الكاش سيسهم، حسب أمين سامي، في توسيع قاعدة دافعي الضرائب، حيث يمكن إدماج العاملين في الاقتصاد غير الرسمي عبر تقديم خدمات دفع رقمية مُبسطة ومجانية، وربطها بنظام ضريبي تنافسي.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن هذه الخطوة يرتقب أن تساهم في توجيه السياسات الاجتماعية والاقتصادية، حيث يوفر التحول الرقمي بيانات دقيقة عن الإنفاق والدخل، مما يُساعد الحكومة في تصميم برامج اجتماعية عادلة ومستهدفة.

تحفيز المعاملات الرقمية

ويرى المحلل الاقتصادي أمين سامي أن المغرب بحاجة ماسة لتبني سياسات مبتكرة تهدف إلى التقليل من تداول النقود النقدية وتحفيز المعاملات الرقمية، وفي تصريح لجريدة “العمق” عرض سامي مجموعة من الحلول التي تتماشى مع الخصوصية المغربية وتستهدف تحسين الشمول المالي وتطوير البنية التحتية الرقمية.

وأكد المحلل ضرورة تعزيز منظومة الدفع الرقمي عبر الهواتف المحمولة، مشيرا إلى الانتشار الواسع للهواتف الذكية وشبكات الاتصالات في المغرب، موضحا أنه يمكن استغلال هذه الميزة لتطوير تطبيقات دفع بسيطة وآمنة تلائم احتياجات الأفراد والشركات الصغيرة، مضيفا أن إنشاء “محفظة مغربية رقمية” يمكن أن يكون خطوة هامة، تتيح دفع الفواتير، الضرائب، والتحويلات بين الأفراد باستخدام تقنية الـQR Code.

من جهة أخرى، أشار المتحدث ذاته إلى ضرورة رقمنة المعاملات في القطاعات الحكومية والمرافق العمومية، مشددا على أهمية جعل الدفع الرقمي إلزاميًا عند التعامل مع الإدارات العمومية، وفي هذا السياق، اقترح إنشاء منصة موحدة لجميع الخدمات الحكومية، تربط بين القطاعات المختلفة وتتيح الدفع الإلكتروني بسهولة.

بالنسبة للاقتصاد غير الرسمي، دعا أمين سامي إلى تشجيع هذا القطاع على الاندماج في الاقتصاد الرسمي من خلال تقديم حوافز مالية وضريبية، موضحا أنه يمكن إنشاء بطاقة ذكية للأعمال الصغيرة تحت اسم “بطاقة تضامن الأعمال” تشجع على استخدام وسائل الدفع الرقمي مقابل إعفاءات أو تخفيضات ضريبية.

توفير حلول تمويلية

وحسب المتحدث نفسه، فإن تعزيز الشمول المالي يتطلب أيضا توفير حلول تمويلية تتناسب مع الفئات المتحفظة في المجتمع، ومنها التمويل الإسلامي، معتبرا أن البنوك التشاركية يمكن أن تقدم حلول دفع إلكترونية عبر تطوير حسابات إلكترونية تشاركية بدون رسوم شهرية.

كما ركز الخبير ذاته على أهمية تثقيف المواطنين وتعزيز الثقة في النظام الرقمي، داعيا إلى إطلاق حملات توعية تستهدف شرح فوائد الخدمات الرقمية، مع التأكيد على الخصوصية وحماية البيانات، معتبرا أنه من المهم تطوير برنامج وطني للتثقيف المالي يعتمد على وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، مع تسليط الضوء على قصص نجاح لأفراد وشركات صغيرة استفادت من النظام الرقمي.

إضافة إلى ذلك، شدد سامي على أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية، خاصة في المناطق القروية، من خلال تحسين سرعة الإنترنت وتوسيع نطاق التغطية. واقترح القيام بشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير إنترنت منخفض التكلفة في المناطق النائية، ما يسهل وصول الجميع إلى الخدمات الرقمية.

وفي سياق متصل، اقترح المحلل الاقتصادي ضرورة وضع تشريعات تحفيزية وتنظيمية، بما في ذلك فرض حد أعلى للمبالغ التي يمكن تداولها نقدا في المعاملات التجارية، مع فرض الدفع الرقمي في مشتريات معينة مثل السيارات والعقارات، مع ضمان وجود بدائل مجانية أو منخفضة التكلفة للخدمات الرقمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق