كتب زياد أيمن
تتباين الآراء بشأن نتائج حرب غزة أو ما بعد السابع من أكتوبر، حيث يرى البعض أن حركة حماس خرجت خاسرة، في حين يعتقد آخرون أن إسرائيل هي من تكبدت الهزيمة، ومع ذلك وبالنظر إلى الواقع، يمكننا القول إن كلا الطرفين خرجا خاسرين من الحرب، حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد أكثر من 15 شهرًا من القتال الذي أسفر عن خسائر كبيرة لكلا الجانبين.
حصاد الحرب.. التحديات والتداعيات
في الحرب لا يوجد منتصر فجميع الأطراف خاسرة، فقد تكبد طرفا الصراع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، فمع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهرت بعض بوادر الأمل والراحة، لكن الأضرار لا تزال هائلة، حيث ارتفعت حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة 46 ألفًا، وأصيب أكثر من 110 آلاف شخص، كما استشهد قادة حركة حماس مثل هنية والعاروري والسنوار، بالإضافة إلى عدد المسلحين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي من عناصر حماس أكثر من 17 ألف وفقًا لرواية جيش الاحتلال.
أما فيما يتعلق بالممتلكات، أكدت الأمم المتحدة أن حوالي 70% من مباني قطاع غزة تعرضت للتدمير أو الأضرار، حيث بلغ عدد المباني المتضررة نحو 170,812 وفقًا لأحدث تقييم من مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، وبلغ عدد النازحين 1.9 مليون فلسطيني من منازلهم، وتُفيد الأمم المتحدة بأن 18 مستشفى من أصل 36 في قطاع غزة تعمل جزئيًا، ما يعني أن 50% منها فقط قادرة على تقديم الخدمات الصحية، مما يهدد النظام الصحي بالانهيار، كما تضرر 83% من المساجد في القطاع بشكل جزئي أو كلي، وبالنسبة للمدارس، فقد تحوّلت العديد منها إلى مراكز إيواء للنازحين، وفقًا لليونسيف تضرر 88% من المدارس في القطاع، بما في ذلك 396 مدرسة تعرضت للقصف المباشر، بالإضافة إلى نسبة الطرق الرئيسية المتضررة أو المدمرة أكثر من 92 %.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإنّ إعادة إعمار القطاع ستستغرق ما يصل إلى 15 عامًا، وستكلف أكثر من 50 مليار يورو.
وفقًا للجيش الإسرائيلي، تفوق الخسائر في حرب غزة الحالية الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، على الرغم من التضارب في الأرقام الإسرائيلية، يُقدّر بشكل تقريبي أن عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا منذ السابع من أكتوبر تجاوز 720 جنديًا، كما تشير التقارير إلى أن الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر أسفر عن مقتل 1189 شخصًا من العسكريين والمستوطنين الإسرائيليين، وقد بلغ عدد النازحين من قطاع غزة أكثر من 58 ألف شخص، بينما تجاوز عدد النازحين من الجنوب 5300 شخص وفقًا لوكالة الشرق الأوسط، كما أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن 35% من الجرحى الجنود يعانون من القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بينما 37% منهم يعانون من إصابات في الأطراف.
من ناحية أخرى، أفادت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية بأن تكلفة الحرب على قطاع غزة تقدر بحوالي 250 مليار شيكل (حوالي 67.57 مليار دولار)، وأشار تقرير حديث صادر عن جمعية الصناعات التكنولوجية المتقدمة في إسرائيل (IATI) ومعهد الأبحاث والسياسات الإسرائيلي (RISE) إلى أن قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي يواجه تحديات كبيرة بسبب استمرار الحرب، التقرير الذي حمل عنوان “حالة التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل في ظل عام من الحرب” أظهر انخفاضًا في الاستثمارات في الشركات الإسرائيلية بنسبة 6% بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، مع تراجع حاد بنسبة 30% في الاستثمارات الأجنبية والإسرائيلية.
نجاحات وانتصارات في عيون طرفي الصراع
على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها الطرفان، كل منهما يرى أنه حقق انتصارات ونجاحات ذاتية من خلال هذه الحرب.
فمن ناحية، ترى حركة حماس أنها نجحت في إثارة مشاكل داخلية لإسرائيل، وأدت إلى إفراج عدد من الأسرى الفلسطينيين، فضلًا عن جعل العديد من الدول والشعوب تتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، كما تعتقد أن الحرب أسفرت عن إلحاق خسائر كبيرة بالجانب الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، يرى الجانب الإسرائيلي أنه نجح في إضعاف حركة حماس بشكل كبير، وأدى إلى خسائر كبيرة في صفوفها، وأوقع ضربات موجعة على قياداتها، كما ألحق دمارًا غير مسبوق بقطاع غزة.
مرحلة جديدة لغزة أم هي مجرد هدنة مؤقتة؟
وبينما انتهت الحرب بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية قطرية أمريكية لمدة 42 يومًا، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما سيحدث بعد انتهاء الهدنة، خاصةً في ظل تصريحات مايك والتز مستشار الأمن القومي الأميركي، التي أكد فيها أن حركة حماس أصبحت خارج معادلة المشهد السياسي لحكم قطاع غزة، مما يثير العديد من التساؤلات حول المستقبل في ما بعد اتفاق السابع من أكتوبر.
0 تعليق