في الذكرى الـ 14 على ثورة يناير 2011، التي كانت بمثابة ثورة شعبية غير مسبوقة، حيث خرج ملايين المصريين في شوارع البلاد للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية ورفعوا شعارات ضد الفساد والاستبداد.
ثورة يناير 2011
كانت الميادين هي قلب هذه الثورة، حيث شكلت نقطة تجمع رئيسية للمحتجين وأصبحت رمزًا للحراك الشعبي، هذه الميادين لم تكن مجرد أماكن جغرافية، بل أصبحت مواقع للتاريخ والتغيير، حيث تجسد فيها حلم الشعب المصري في التغيير والمستقبل الأفضل.
تجمهر الشعب المصري في تلك الميادين مطالبًا بالعدالة الاجتماعية والحقوق السياسية، ونددوا بالظلم والقهر الذان كانا منتشران بشدة في تلك الفترة، وكان نتاج هذه الثورة هو الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك بعد نحو ثلاثين عامًا في الحكم.
في هذا التقرير، نستعرض أبرز الميادين التي ضمت ثورة يناير ودورها في تعزيز الحراك الثوري الذي غير وجه مصر للأبد:
ميدان التحرير.. رمز ثورة يناير وأيقونة التغيير
يُعد ميدان التحرير، الذي يُلقب بـ”ميدان الثورة”، أبرز الرموز التي ارتبطت بثورة 25 يناير 2011، حيث توجهت إليه الأنظار على مدار الأيام التي شهدت الاحتجاجات.
يقع الميدان في قلب العاصمة المصرية القاهرة، مما جعله نقطة تجمع رئيسية للمحتجين، وأصبح أيقونة تمثل نضال الشعب المصري في تلك اللحظات التاريخية.
تجمع في ميدان التحرير أغلب رموز الحركة الوطنية من جميع التيارات السياسية والحزبية، بما في ذلك شخصيات مستقلة وشباب متحمس لم يكن معروفًا للكثيرين قبل اندلاع الثورة.
ومن داخل هذا الميدان، تم الإعلان عن أبرز المطالب والتصريحات التي قادها العديد من الشخصيات السياسية الوطنية.
كما شهدت شوارع عديدة تطل على الميدان، مثل شارع محمد محمود وشارع طلعت حرب وشارع القصر العيني، احتجاجات ومواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال أحداث يناير وما تبعها.
يضم الميدان أيضًا عددًا من المنشآت المهمة التي كانت لها دور بارز في تلك الفترة، مثل مسجد عمر مكرم، الذي تحول إلى مركز طبي لعلاج المصابين، والمتحف المصري، ومجمع التحرير، إضافة إلى المجمع العلمي.
ويكتسب ميدان التحرير أهميته التاريخية ليس فقط من كونه مركزًا لثورة يناير، بل لأنه شهد أيضًا ثورة 1919 الشعبية ضد الاحتلال البريطاني، بقيادة الزعيم سعد زغلول، التي تُعد من أبرز الثورات في تاريخ مصر الحديث.
علاوة على ذلك، فقد كان هذا الميدان مسرحًا للعديد من الاحتجاجات الشعبية في مراحل مختلفة من تاريخ مصر المعاصر.
ميدان عبد المنعم رياض.. شاهد على أحداث ثورة يناير
يُعد ميدان عبد المنعم رياض، الذي يقع على بُعد خطوات قليلة من ميدان التحرير، واحدًا من الميادين المهمة التي شهدت العديد من الأحداث خلال ثورة 25 يناير 2011.
كان الميدان شاهدًا على الكثير من المواجهات والاشتباكات، لعل أبرزها تلك التي جرت في عشية ما عُرفت بـ “موقعة الجمل”.
في اليوم الثاني من فبراير 2011، وهو يوم “موقعة الجمل”، شهد الميدان وصول عدد من الأشخاص الذين وصفهم التلفزيون الرسمي بـ “مثيري الشغب”، وهم يمتطون الجمال والخيول والبغال متجهين من ميدان عبد المنعم رياض نحو ميدان التحرير.
كانت مهمتهم مهاجمة المتظاهرين، ولكنهم فشلوا في تفريق الحشود، حيث تمكن المتظاهرون من التصدي لهم، وسقط بعض المهاجمين في أيدي المحتجين.
نقطة انطلاق جمعة الغضب: ساحة مسجد الاستقامة – الجيزة
في يوم 28 يناير 2011، الذي عرف بـ”جمعة الغضب”، تجمع المتظاهرون أمام مسجد الاستقامة في الجيزة بعد أداء صلاة الجمعة، وكان في مقدمتهم الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدد من المعارضين والناشطين السياسيين.
وكانت ساحة المسجد نقطة انطلاق قوية للأحداث التي أعطت زخماً للثورة، حيث شهدت مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن، التي استخدمت خراطيم المياه وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين.
وعلى الرغم من هذه المحاولات، تمكن المحتجون في النهاية من التقدم والتحرك باتجاه ميدان التحرير، ليكون ذلك بداية التحرك الجماهيري الكبير الذي تصاعدت وتيرته في الأيام التالية.
جسر قصر النيل.. ساحة المواجهة بين المتظاهرين وقوات الأمن
كان جسر قصر النيل، الذي يربط شارع التحرير بميدان التحرير، مسرحًا لعدد من المواجهات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال ثورة 25 يناير.
في منتصف الجسر، كانت قوات الأمن تحاول إعاقة تقدم المحتجين نحو الميدان، مستخدمة خراطيم المياه لتفريقهم.
من أبرز المشاهد التي انتشرت من تلك الفترة كانت صورة المتظاهرين الذين وقفوا في مواجهة قوات الأمن على الجسر، مما يعكس تصميمهم على الاستمرار في مسيرتهم نحو ميدان التحرير.
ميدان القائد إبراهيم نقطة انطلاق ثورة 25 يناير بالإسكندرية
أصبح ميدان القائد إبراهيم في مدينة الإسكندرية، الذي يُلقب أحيانًا بـ “ميدان تحرير الإسكندرية”، نقطة تجمع هامة للمتظاهرين، نظرًا لموقعه الاستراتيجي في منطقة محطة الرمل.
وشهد الميدان تدفق الآلاف من المحتجين من مختلف أنحاء المدينة، الذين تجمعوا للتعبير عن مطالبهم في يوم 25 يناير 2011 وما تلاه.
لم تقتصر الأحداث في الإسكندرية على ميدان القائد إبراهيم فقط، فقد شهدت المدينة أيضًا اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشرطة في ميادين أخرى مثل ساحة مسجد سيدى بشر، وميدان الساعة، وميدان الشهداء في منطقة محطة مصر.
كانت هذه المواجهات، التي لم تكن أقل ضراوة من تلك التي شهدها ميدان التحرير في القاهرة، جزءًا من الحراك الشعبي الكبير الذي عصف بالبلاد.
يعود اسم ميدان القائد إبراهيم إلى إبراهيم باشا، أحد أبناء محمد علي باشا، الذي يعتبر مؤسس مصر الحديثة، مما يضفي على الميدان بعدًا تاريخيًا وثقافيًا عميقًا.
ميدان الأربعين في السويس
يعد ميدان الأربعين في السويس واحدًا من أبرز الميادين التي شهدت أحداث ثورة 25 يناير 2011، حيث يمتلك الميدان مكانة خاصة في ذاكرة الثورة المصرية.
تشير التقارير إلى أن أول شهداء الثورة سقطوا في هذا الميدان قبل يوم “جمعة الغضب” في 28 يناير، مما جعله نقطة انطلاق هامة في الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
يتميز ميدان الأربعين بتاريخ طويل من النضال والمقاومة، حيث يعد رمزًا لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في مصر.
في حرب أكتوبر 1973، شهد الميدان مقاومة شعبية في السويس ضد الحصار الذي فرضته القوات الإسرائيلية على المدينة، ليكون شاهداً على مواقف بطولية للمصريين في مواجهة المحتل.
من بين الشخصيات البارزة التي لعبت دورًا في ثورة يناير في السويس كان الشيخ حافظ سلامة، أحد أبطال المقاومة الشعبية، الذي شارك في الثورة رغم تجاوز سنه الـ85 عامًا.
ألهب الشيخ حافظ حماس الشباب وأصر على المطالبة برحيل الرئيس مبارك، ليكون رمزًا آخر للمقاومة في تاريخ مصر الحديث.
ميدان الشون.. منطلق الاحتجاجات والثورة بالمحلة
يعد ميدان الشون بمدينة المحلة الكبرى شمالي القاهرة واحدًا من أبرز ميادين الثورة ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
اشتهر الميدان في البداية بكونه مركزًا للاحتجاجات العمالية، حيث شهد في 6 إبريل 2008 “انتفاضة المحلة” التي كانت بداية التحركات الشعبية ضد النظام، إذ خرج الآلاف للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية.
وتأسست حركة 6 إبريل تكريمًا لذكرى تلك الانتفاضة العمالية، لتكون حركة شعبية تسعى إلى تحقيق المطالب التي نادت بها انتفاضة المحلة.
وفي 28 يناير 2011، شهد ميدان الشون تجدد الاحتجاجات الشعبية، حيث توافد المتظاهرون إلى الميدان مطالبين بإسقاط النظام، ليكون هذا الميدان أحد المواقع الهامة التي شهدت اعتصامات حاشدة حتى الإعلان عن تنحي مبارك عن السلطة.
ميدان الشهداء في بورسعيد
. كان ميدان الشهداء في قلب مدينة بورسعيد هو الوجهة الرئيسية للمحتجين الذين تجمعوا في هذا الموقع التاريخي للمطالبة بالتغيير.
اعتصم المتظاهرون في الميدان لفترة طويلة، حتى قرر الرئيس السابق حسني مبارك التنحي عن السلطة استجابة لضغط الحراك الشعبي.
وشهد ميدان الشهداء احتفالات جماهيرية حاشدة عقب إعلان تنحي مبارك، حيث شعر المحتجون أنهم حققوا حلمًا كان يُعتبر “مستحيلاً” بالنسبة للبعض.
ميدان الممر.. مركز الثور في الإسماعيلية
كان ميدان الممر في مدينة الإسماعيلية نقطة محورية للمظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها المدينة خلال ثورة 25 يناير 2011، حيث أطلق عليه البعض لقب “ميدان الثورات”.
شهد الميدان خلال تلك الفترة مظاهرات حاشدة، حيث تمكن المتظاهرون من الصمود أمام قوات الشرطة التي فشلت في تفريقهم، مما جعل الميدان أحد المواقع البارزة في الحراك الشعبي ضد النظام.
يتمتع ميدان الممر بقيمة رمزية وتاريخية كبيرة لدى سكان الإسماعيلية، إذ يعد رمزًا من رموز المقاومة الشعبية ضد الاحتلال البريطاني في مصر. ولذا، فإن ميدان الممر يحمل في ذاكرة المدينة تاريخًا طويلًا من النضال والتضحية، مما أضاف بُعدًا تاريخيًا لاحتجاجات ثورة يناير في هذه المدينة.
ميدان الثقافة بسوهاج منطلق الثورة بالمحافظة
في 25 يناير 2011، كان ميدان الثقافة نقطة التجمع الرئيسية في تظاهرات سوهاج ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث تدفق المتظاهرون من الشوارع الفرعية إلى الميدان، ليكتظ بالآلاف الذين خرجوا للمطالبة بالتغيير.
كانت هذه المظاهرة المرة الأولى التي يتظاهر فيها أهالي سوهاج ضد النظام الحاكم، وضم الميدان أشخاصًا أتوا للاحتجاج لأسباب سياسية وآخرين حضروا بدافع الفضول أو للتعبير عن آرائهم.
اقرأ أيضًا: صوت الفن في قلب ثورة يناير.. كيف وثقت السينما والموسيقى والمسرح لحظة التغيير التاريخية
0 تعليق