أثار الإجراء الأخير المعروف بـ “التسوية الطوعية” جدلا، خصوصا بين الأفراد الذين يلتزمون بدفع الضريبة على الدخل ويصرحون بممتلكاتهم بكل شفافية، هذا الإجراء الذي تم إعادة تفعيله بموجب قانون المالية لسنة 2024، يتيح للأشخاص الذين لم يصرحوا بشكل كامل أو صحيح عن أرباحهم أو ممتلكاتهم، فرصة لتسوية وضعياتهم الجبائية دون التعرض للعقوبات، إلا أن هذه المبادرة قد أثارت مخاوف العديد من المواطنين الذين يخشون أن يجدوا أنفسهم في وضع غير عادل مقارنة بالذين يلتزمون بالقانون.
وتفجرت العديد من الشائعات حول تأثيرات هذا الإجراء، مما أثار حالة من القلق حول مدى جدوى وشفافية هذه الخطوة الحكومية. مع اقتراب نهاية المهلة المحددة لهذه التسوية في 31 دجنبر 2024، تظل الأسئلة تطرح حول مصير الأفراد المعنيين وتأثير هذه المبادرة على الاقتصاد الوطني والعدالة الضريبية في البلاد.
في تصريح للخبير الاقتصادي محمد جدري، تحدث عن المبادرة الجديدة التي أطلقتها الحكومة المغربية تحت مسمى “التسوية الطوعية” والتي تهدف إلى تشجيع الأفراد في القطاع غير المهيكل على التصريح بمداخيلهم وأموالهم بشكل طوعي لتسوية وضعهم الضريبي.
وقال جدري إن الأشخاص الذين لم يقوموا بالتصريح بمداخيلهم، يشكلون الفئة الرئيسية المستهدفة من هذه المبادرة، إذ أن هؤلاء الأشخاص غالبا ما يشتغلون في القطاع غير الرسمي، حيث يصرحون بمبالغ منخفضة، رغم أن حساباتهم البنكية قد تكون مرتفعة بشكل ملحوظ، وتعتبر “التسوية الطوعية” فرصة لهؤلاء الأفراد لتسوية أوضاعهم الضريبية من خلال دفع 5% فقط كضريبة على الدخل المصرح به.
وفي حال رفض هؤلاء الأفراد الاستفادة من هذه الفرصة، أشار الخبير الإقتصادي إلى أنهم قد يتعرضون للمسائلة القانونية، وهو ما قد يستدعي دفع 37% كضريبة، وهو ما يعد عبئا إضافيا على هؤلاء الأفراد، مضيفا أن هذه المبادرة لا تقتصر فقط على المشتغلين في التجارة الإلكترونية أو المهن الحرة، بل تشمل أيضًا الأشخاص الذين يخبئون أموالهم في المنازل أو يمتلكون عقارات دون التصريح بها.
واستعرض جدري الفوائد الكبيرة لهذه التسوية للأشخاص الذين يملكون عقارات أو أموالا غير مصرح بها في البنوك، إذ تعد هذه فرصة لهؤلاء لوضع أموالهم في النظام المصرفي مقابل ضريبة ضئيلة تبلغ 5%، مما يساهم في تسوية أوضاعهم المالية بشكل قانوني.
وتطرق الخبير الاقتصادي إلى أهمية التسوية الطوعية بالنسبة للأفراد الذين يعملون في القطاع المهيكل ويدفعون الضرائب بشكل منتظم، معتبرا أن هؤلاء الأشخاص ليسوا معنيين بهذه المبادرة، كونهم يلتزمون بدفع الضرائب المقررة عليهم، ولكن، من جهة أخرى، فإن “التسوية الطوعية” تمثل حلا فعالا لأولئك الذين لم يصرحوا بممتلكاتهم أو دخلهم بشكل قانوني، حيث تتيح لهم فرصة لتصحيح أوضاعهم الضريبية.
وفيما يتعلق بالفوائد الاقتصادية التي ستعود على المملكة من هذه المبادرة، قال محمد جدري إن التسوية الطوعية ستسهم في تحقيق مداخيل استثنائية للخزينة العامة، وهي مداخيل من شأنها دعم المشاريع الوطنية وتنفيذ الأوراش الكبرى التي تنفذها الحكومة، مسجلا أن هذه المبادرة ستساهم أيضا في إدخال العديد من الأشخاص في الإطار القانوني، مما سيعزز من شفافية النظام المالي.
في ختام تصريحاته، أكد جدري أن التسوية الطوعية هي خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاد الوطني وتطوير القطاع غير المهيكل، داعيا الأفراد المعنيين إلى الاستفادة منها قبل أن تنقضي المهلة المقررة لتفادي العواقب الجبائية الثقيلة.
0 تعليق